• 2022-07-20

تأملات

"ونفسٍ وما سوَّاها"

المسلم في معركة دائمة مع نفسه الداعية للهوى وحب الشهوات لمحاولة مجاهدتها وتهذيبها وإلزامها بالطريق القويم.. طريق الهداية واتِّباع الشرع. وقد عرض القرآن الكريم في أكثر من موضع لهذا الصراع الداخلي وذلك لأهميته إذ إن نتائج هذه المجاهدة ينبني عليها فلاح العبد أو خسرانه في الدنيا والآخرة.
وقد جاء هذا البيان في سورة الشمس التي افتتحها الله سبحانه بالقَسَم في سبع آيات متتالية؛ ليكون جواب القَسَم قوله سبحانه وتعالى "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا". فنفسك إنْ زكَّيتها فُزْت وإنْ اتَّبعت هواها خسِرْت وندِمْت، وهذا ما أشار إليه رب العزة في سورة النازعات حين قال "وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى".
إنه صراعٌ عُدَّتك فيه الصبر والمجاهدة والعزم والإرادة والمداومة على العبادة حتى تصل إلى الهداية والفلاح، مصداقاً لقول الله في محكم كتابه "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ". وكي تفلح في مسعاك هذا تسلَّح بمراقبة الله سبحانه ومحبته وكثرة العبادة ومصاحبة الأخيار والتفكر في الموت وما بعده من مآلات إلى جنة أو نار، ولا تنسَ دعاء الله ورجاءه أن يعينك على نفسك. وهذه كلها وغيرها هي وسائل مقاومة للنفس البشرية حتى تتمكن أنت من أن تحيا حياة طيبة في ظل شرع الله والعمل بالقرآن والسنة المطهرة.
وانتبه.. فإنك قد تخسر جولة وتزِلُّ قدمك في معصية فلا تستسلم لنفسك والشيطان وعُد سريعًا إلى الله وأعلِن التوبة النصوح بين يديه فستجد أبواب السماء مفتوحة وربك سميع مجيب غفور "قُلْ يَٰاعِبَادِي ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚإِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ".
ميدانك الأول نفسُك إن استطعت الانتصار عليها كنت على غيرها أقدر، فهي عدو خفي لا يقدر على مقاومته إلا أنت فاستمر ولا تعجز ولا تيأس أبداً من رحمة ربك فمن اعتاد الطَّرْق لابد أن يُفتح له الباب، ومن بدأ المسير بعزم سيصل حتماً بإذن الله.